الاثنين، 20 فبراير 2012

أيهم والحكيم المسن ... إذا فُقِدَ الأمل يتوقف نبض الحياة ...




نبراس الشباني ...


إنه ليل عاصف الامواج تتعالى فيه وتتسابق لتضرب السفن والزوارق المبحرة في تلك الأثناء التي كان يحاول طاقم السنتانا المحافظة على توازن سفينتهم كي لا تلتهمها الأمواج الهائجة وظن البحارة أنهم منتهون لا محال عندها دبت صرخات الأمل باعثة روح التفاؤل من جديد حيث شق المولود الجديد طريقه للحياة مقاوماً كل صيحات الموت التي كانت تحيط بالمكان وعندما انجلت العاصفة وأشرقت شمس الحياة حاملة معها فرحة أنستهم مشقة الأمس وفي تلك اللحظات أقترح أحد البحارة على الكابتن تسمية مولوده الجديد بالأيهم لشجاعته واعتبروه بشارة خير لهم ، كَبُرَ أيهم وترعرع في أحضان البحار ورث عن والده النبل وحسن التصرف والحكمة في كل الأمور بالإضافة إلى مهارته العالية في الصيد ، بكل تلك الصفات أصبح أيهم بحاراً متميزاً يحبه الجميع ويحترمونه وقد أكتسب مهارته الخاصة في التعامل مع الحيوانات البحرية التي كان يصادفها فقد كان يقضي معظم وقته في محادثة البحر ومساعدة الحيوانات عندما تحتاج إلى المساعدة ، وفي أحد الأيام عندما كان يُطَبِب أحد الدلافين بدأ الدولفين بملاعبة أيهم وسحبه إلى مسافة من البحر فتفاجأ بوجود رجل مسن طافٍ على لوح من الخشب فقام بإخراجه وساعده على استعادة وعيه وعندما استفاق الرجل كان مصدوماً لأنه لازال على قيد الحياة وأظهر الامتنان الكبير لأيهم وليرد له المعروف اخبره بوجود سفينة غارقة في عرض البحر ظن أيهم أنه قد يتواجد عليها أناس أحياء لذلك هَمَّ بالإبحار والغوص للبحث عن بقايا السفينة الغارقة ، وجدها لكنه لم يجد عليها أحد بل وجد مفاجئة بانتظاره فقد كانت السفينة محملة بالكنوز الثمينة التي كانت ستساعد فعلا كل من كان موجود على تلك الجزيرة حينها أدرك أيهم بأن الحياة أخذ وعطاء وأن الإنسان بقدر ما يقدم للحياة يثاب عليه فالحياة كنز أغرف منها ما تشاء لكن لا تكن عليها بخيلاً بالعطاء ، عندما عاد أيهم أظهر الشكر والامتنان للرجل المسن لأنه كان يعلم أنه كان قاصداً لما فعل وقد طلب منه البقاء والعيش معهم لانه لاحظ أن الرجل بحاجة لذلك فكان يبدو عليه بوادر الشيخوخة لذلك خشي أيهم عليه مخاطر الحياة والوحدة وقد أبدى الرجل الموافقة على ذلك الطلب ليس لأنه كان يحتاج إلى سكن وإلى من يرعاه بل لأنه وجد بأيهم ضالته وهنا بدأت سلسلة جديدة من المغامرات في حياة أيهم التي لم يكن يدركها لكنه كان مترقباً لا يعلم ما يخبئ له الزمن وما تكنز له الحياة من أفضل معادنها .
... ماذا تعلمنا اليوم ...
ماذا تعلمنا اليوم من أيهم فهو شاب في ربيع العمر والحياة أمامه بمقدوره أن يفرض سلطانه على العاملين تحت أمرته وبإمكانه أن يكون فض التصرف مع من هم أقل منه شأناً لكنه عوضاً عن ذلك كان متواضعاً يحب الجميع ويبادلهم الاحترام لأنه كان مؤمناً أن من تواضع لله رفعه الله ولم يكن يأبه إلى من يترجم تواضعه ذاك ضعفاً لأنه كان يفكر دوما بالأهم ولم يكن مقتصراً على المهم فقد كان يملك بصيرة ثاقبة تساعده على تميز الصحيح ونبذ الخطأ وبالنهاية قد نرى أن ما حصل عليه أيهم قليل فهو لم يحتفظ بالكنز لنفسه وإنما وهبه إلى سكان قريته لكن بالنسبة إلي المتبصر بالأمور فأيهم قد ربح الكثير فقد حصل على التوفيق في الأمور ، لا تعتقد أن التوفيق هو أمر بسيط فمن الصعب الحصول عليه إلا بحسن النوايا وصدق السرائر بالإضافة إلى انه حصل على هدية قيمة ألا وهي باب الحكمة فلم يكن أيهم يعلم أن الرجل المسن الذي يؤويه في منزله سيكون مدخلاً إلى بحر عميق من الحكمة النافذة التي ستمكنه من فهم محيط الحياة وأسرارها وبالتالي صرنا نعلم أن من يُقْدِم على عمل الخير يجني أضعافه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق